الخرطوم : نادوس نيوز
ليس اكتشافاً عبقرياً الحديث بأن هناك أصابع سياسية تسهم في صناعة الأزمات التي تعيشها بلادنا ، فأسلوب افتعال وصناعة الأزمات أو تعميق الأزمات الموجودة أصلاً هو أحد الأساليب المعروفة في عمل المعارضة السياسية في السودان قديماً وحديثاً .
وليس هناك أقرب للتدليل على اعتيادية هذا الفعل من تعيين الحكومة الانتقالية لوزير خارجية هو عمر قمر الدين قال ذات يوم أنه لن يعتذر عن وقوفه في يومٍ من الأيام وراء قرار وضع السودان ضمن القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب .
وقائمة الإرهاب التي أدخلت السودان في نفق عزلة استمرت طويلاً، وكلّفت البلاد وشعبها كثيراً، هي ذات القائمة التي لو حاولنا إحصاء إنجازات قليلة جداً تحققت في ظل حكومة حمدوك فستكون إزالة السودان منها هو أبرز تلك الإنجازات إن لم نقل إنه هو الإنجاز الوحيد المتفق عليه الذي اكتمل وتحقق بالفعل في ظل هذه الحكومة .
المعطيات المفهومة للجميع أن هناك معارضة موجودة لحكومة الفترة الانتقالية ، بل هناك قدرة متوفرة ومستمرة لدى هذه المعارضة لعرقلة أية خطوات تقوم بها الحكومة ، وليس هناك أية احتمالات بأن تتسامى هذه المعارضة وترتفع بنفسها عن القيام بوضع المتاريس والعراقيل أمام حكومة حمدوك وذلك لأسباب كثيرة أولها أن القوى السياسية النافذة والمتحكمة في الفترة الانتقالية لم تترك مساحة لاستيعاب معارضة الإسلاميين في إطار طبيعي يتيح لها بالتنفس والاحتفاظ بالحياة أو حتى تصفية فسادهم بالآليات القانونية الطبيعية والمعروفة ، بل فعلت كل ما يمكن فعله لحرق الاسلاميين سياسياً وأخلاقياً ودمغهم بالفساد دون معايير واضحة للفرز أو التمييز في كيل تلك الأوصاف والاتهامات ثم تسخير أدوات السلطة الانتقالية لتقنين عملية الانتقام منهم .. بمعنى الكلمة ..
فما الذي تنتظره من كيان تتوعده ليل نهار بالويل والثبور ؟!.
ماذا تتوقع من فلول النظام كما تصفهم أو من دولة عميقة لديها قدرتها الفاعلة بحكم امتداد فترة وجودها في الحكم بالتأثير القوي على الاقتصاد والمال والمجتمع ..؟!
ألم يكن ولا يزال من الممكن أن تبسط الحكومة الانتقالية يدها لمن هو على استعداد لتقديم خبرته ونصحه وافكاره مع مشروع التغيير من الاسلاميين المعتدلين وأولئك الذين كانت لديهم تحفظات ومواقف ضد نظام الانقاذ بل دفعوا ثمناً سياسياً باهظاً بسبب معارضتهم للنظام وسعيهم للتغيير ..؟!
من المستفيد من وضع جميع الاسلاميين في سلة واحدة ؟! من المستفيد من اعتقال عناصر من الاسلاميين ظلت تواجه نفس موقف القمع والمطاردة والاعتقال لهم من نظام الانقاذ نفسه ؟!
إن من الذكاء والفطنة والسياسة قبل النزاهة والعدالة أن يتم مثل هذا الفرز والتمييز بين من يقفون ضد التغيير ومن يدعمون التغيير ويدعمون الثورة من الاسلاميين .
كما أنه من الغباء والبلاهة السياسية محاولة شيطنة كل منتسبي التيار الإسلامي والسعي لعزلهم أو إقصائهم ووصفهم جميعاً بأنهم ضد الثورة وضد التغيير ..
لانزال نقول إنه إذا كانت اصابع التأزيم السياسية هي جزء من صناعة الأزمات الحالية في البلد فإن الشرط الأساسي للنجاح في إدارة الأزمات وإثبات كفاءة التدبير عند قيادة هذه الحكومة يرتبط باستقطاب من يصلح من الاسلاميين لفك شفرة الكثير من العقد والأزمات المتناسلة وتأمين تنفيذ الخطط والبرامج بأقل قدر من العرقلة والتعطيل بل تنقية الساحة السياسية وحوض المجتمع من سموم الغبن والكراهية القاتلة ، ووضع نهاية لمسلسل الفشل المتراكم والمتشعب في الفترة الانتقالية .
*شوكة كرامة*
*لا تنازل عن حلايب وشلاتين *
—-
صحيفة اليوم التالي 3 فبراير 2021