بروفايل / نادوس نيوز
مني سليمان أركو مناوي ظهر في الساحة مع بداية الكفاح المسلح بإقليم دارفور عام 2003، وتقلد منصب الأمين العام والقائد الميداني لـ”حركة تحرير السودان” في الإقليم. وُلد في منطقة فوراوية بولاية شمال دارفور في 12 ديسمبر 1968. ودرس المرحلة الابتدائية في فوراوية، والمتوسطة في منطقة كرنوي شمال دارفور، ثم الثانوية بالفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ثم انتقل إلى العاصمة التشادية أنجمينا حيث درس اللغة الفرنسية بين عامي 1995 و1996.
عمل أركو مناوي معلماً في مدرسة “بويا” في تشاد عام 1994 قبل أن يهجرها للعمل في مجال التجارة الحدودية بين السودان ليبيا والكاميرون ونيجيريا.
مقاتل ميداني
يروي آدم النور القيادي في حركة مناوي قائلاً: ظهرت مجموعتان في جبل مرة يربط بينها الملل من الأوضاع مجملاً، وبدأت في تحرك للثورة في مدينة قولو بالمنطقة. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن المجموعتين تعرفتا على بعضهما البعض، واتفقتا على تكوين حركة مسلحة ضد الحكومة، شارك في التأسيس 17 من قيادات الحركة أغلبهم قتلوا في المعارك. وكان من بين مجموعة الـ 17 مناوي وعبد الواحد محمد نور وعبد الله أبكر.
انطلق مناوي من هناك مقاتلًا في الميدان، حسب آدم النور، «شجاع لا يخشى الموت، وكان له دور عسكري في أغلب العمليات الكبيرة التي خاضتها الحركة».
ويعتقد الخبراء في مجال الحركات أن مناوي ظل شخصية مغمورة لدى عامة الناس في دارفور وفي وسائل الإعلام، والسبب يعود إلى أنه لا يفضل الأضواء، بقدر ما كان يفضل التنقل من مكان إلى آخر في المواقع التي سيطرت عليها الحركة في الإقليم.
ويقولون إنه كان على رأس النشاط العسكري للحركة في شرق دارفور، الذي أسفر في العام 2004 عن الاستيلاء على مناطق كثيرة هناك أبرزها: شعيرية وحسكنيتة التي أصبحت فيما بعد معقلاً للحركة بدلاً من «بير مزة»، وجبل مون ومناطق في جبل مرة في شمال وغرب دارفور.
سياسي متزن
وخلال سنوات التمرد، وقيادته الميدانية لقواته، عرف (مناوي) أنه لم يكن عسكرياً مستبدًا بالرأي، ولا فاجراً في الخصومة، ولا يتعامل بردود الفعل، بل كان سياسياً متزناً أهلته هذه الصفة في أن يقود فصيله بحنكة ودراية، وتولى مهاماً رئاسية رفيعة، رغم صغر سنه. ويروي المقربون عنه قصة تكشف موضوعيته، يقولون إنه «بعد زواجه بأسابيع قليلة عام 2005، أراد اصطحاب زوجته لإحدى جولات المفاوضات بأبوجا، وفي باب الصعود للطائرة، اعترض أحد قادته الميدانيين على الخطوة باعتبار أن الظروف في أبوجا لا تسمح بذلك، وطلب من زوجة مناوي العروس الهبوط من الطائرة، فاستجابت، ولم يعترض هو، ولم يتخذ أية ردة فعل غاضبة حيال أحد قادته في تلك اللحظة”.
الخلاف مع عبد الواحد
بعد عامين ونصف العام من العمل المشترك بينه وبين رئيس الحركة عبد الواحد نور، بدأت خلافات تدب بين الرجلين، وكان السبب تصاعد وتيرة النبرة القبلية. كان أبناء الزغاوة بقيادة مناوي يرون بأنهم هم بقيادة مناوي سبب الانتصارات على الحكومة وهم الذين يقفون وراء أي نجاح في هذا المضمار. وبرز شعور لدى أبناء الزغاوة أن مناوي يعمل كثيراً في الميدان وسط الجنود في حين يقوم زعيم الحزب، الذي قليلاً ما يذهب للميدان، بخطف الانتصارات ونسبها إليه. وهكذا يقدم آدم النور توصيفاً مختصراً لأسباب نشوء الخلاف بين الزعيمين، وأضاف: «كان خلافًا بين زعيم سياسي وزعيم ميداني».. مناوي كان يرى ضرورة أن يذهب رئيس الحركة للميدان.
إزاء ذلك دعا مناوي إلى مؤتمر للحركة آواخر العام 2005 في مدينة حسكنيتة، وسط حرب إعلامية شرسة بينه وبين نور، واعتبر نور تلك الدعوة غير شرعية وأنها ترتيب لعزله، فرفض الاستجابة لها ووصف من يشاركون فيها بأنهم خارج نطاق الحركة.
اتفاق أبوجا
وفي عام 2006 وقع مناوي اتفاقا مع حكومة المخلوع البشير واستقر في الخرطوم في وظيفة كبير مساعدي رئيس الجمهورية باعتباره الرجل الرابع في الدولة ورئيس للسلطة الانتقالية لدارفور، وظل يدلي بتصريحات غاضبة من حين لآخر خصوصاً وأن الرجل الذي هندس أبوجا «مجذوب الخليفة» انتقل للرفيق الأعلى، ظل مناوي يتحدث عن عدم تنفيذ بنود الاتفاقية ويتنقل من دولة إلى أخرى بمسماه الوظيفي.
اختفاؤه
اختفى مناوي عن الخرطوم وعن مدن دارفور الكبرى مثل: الفاشر ونيالا والجنينة، في عام 2008 لأكثر من شهر، واستقر مع قواته في الميدان، مخلفًا الكثير من التكهنات والريب حول غيابه وحول ما إذا كان خروجه هذا يعني خروجاً بلا عودة، عودة للتمرد على الخرطوم، أم إنه أراد بالخروج لملمة أطراف قواته التي تفيد الأنباء بأنها صارت فريسة استقطاب من قبل الحكومة من ناحية، ومن الحركات المسلحة الأخرى.
شهر عسل جديد
مناوي عاد إلى الخرطوم بعد وعود قدمتها له الحكومة وبدأ شهر عسل جديد معها، إلا أنه لم يدم طويلاً، فسرعان ما وقعت أحداث شغب من قوات مناوي في أحد أحياء أمدرمان وأحدثت انفلاتاً أمنياً، منحت الخرطوم ذريعة لتحجيم تلك القوات، وحصر أسلحتها وأماكن وجودها وتحركاتها، وعُدَّت تلك القرارات ــ حسب مراقبين ـــ بداية النهاية لسطوة منصب مناوي الذي استحقه بحكم اتفاقية أبوجا.
لقد ظل مناوي مشاركاً في حكومة المخلوع البشير رغم تبرمه من وضعه وعدم تنفيذ اتفاق أبوجا، وكان قد قرر التحول إلى حزب سياسي للمشاركة في انتخابات عام 2010 إلا أنه حرم من المشاركة لعدم اعتماد حزبه.
ومن المواقف التي تسجل لصالحه أنه كان ضد انفصال الجنوب، واشار في حديث له: من الصعوبة لسوداني غيور أن يؤيد فصل جزء من البلاد.. ولكن ما يقرره الجنوبيون هو حق يجب أن يكفله الدستور، ويجب أن يحترمه الجميع.
العودة للتمرد
لم يتمكن من التحول إلى حزب سياسي بسبب كثير من المتاريس التي وُضعت أمامه، فعاد في أواخر العام 2010 مرة أخرى إلى جوبا، متمرداً مرة أخرى على الحكومة نفسها، ليبقى شهوراً هناك قبل أن تبدأ حقائق مكوثه بعيداً عن مقر إقامته في شارع البلدية بالخرطوم المحاط بحرسه الخاص، وبعيداً عن مكتبه في القصر الرئاسي المطل على شارع النيل، تترى لتبدأ أزمة دارفورية جديدة تنطلق هذه المرة من الجنوب، ويستقر مناوي في جوبا، ويشتري عدداً من المنازل كمقار لطاقمه، ويتهم المؤتمر الوطني بالتنصل من اتفاقية أبوجا .
فأعلنت الحكومة الحرب على قوات مناوي وإقصائه من منصبه، وإسناد مهام رئاسة السلطة الانتقالية في إقليم دارفور إلى والي غرب الإقليم جعفر عبد الحكم، فبدأ مناوي إعادة ترتيب أوراقه ووجه قواته إلى التحرك إلى الجنوب، واتهم الحكومة بعدم الوفاء بتعهداتها إزاء اتفافية أبوجا للسلام، وحمَّلها مسؤولية تدهور العملية السلمية في إقليم دارفور .
بعد نجاح ثورة ديسمبر 2019 عبّر مِنّي أركو مِنّاوي رئيس حركة جيش تحرير السودان عن رغبة الجبهة الثورية التي تنتمي إليها حركته، في تحقيق سلام في السودان شريطة أن يكون هنالك شريك حسب رأيه.
وأضاف مِنّاوي بأنهم جزء من الثورة ولكنهم ليسوا جزءاً من “الفئة القليلة التي تُعد على أصابع اليد والتي استحوذت على الأمور حالياً وتدّعي أنها الثورة وأنها الشعب “حسب تعبيره .
وقال مِنّاوي إن الجبهة الثورية جزء من الشعب الذي وقف أمام القيادة ورفع شعارات يمكن أن تشكل دستوراً للسودان.