هذا ما حدث
محمد قسم السيد …. يكتب
من كرنيك إلى القصر
كنت اظن ولسوء ظنى ، خلو القصر الجمهورى ،من قياداته واعضائه ، في رحلة جماعية لولاية غرب دارفور ،ليروا بالعين المجردة ،ما حدث فى (كرينك) والجنينة ، و الشروع فى وضع المعالجات والقرارات الحاسمة على الارض، و يقدمون واجب التعازى فى الأنفس العزيزة التى فقدت ،وفى الدماء الطاهرة التى سالت ،ظلما وجورا و عدوان ، ويلتصقوا مباشرة بالموطن نحن هنا معكم، (الآلاف من سكان المنطقة ،يعيشون أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة ،في ظل الظروف الأمنية الصعبة التي يواجهونها، و الكثير من السكان يعانون في الحصول على لقمة عيش تسد رمقهم، بعد أن أحرقت المؤن الغذائية المخزنة في البيوت، وانقطعت طرق الوصول إلى المدن القريبة. أطفالا دون السادسة يبحثون عن بقايا طعام في ركام الحريق، الذي طال حتى المتاجر الصغيرة ،و فرار السكان والاحتماء بالجبال والمناطق القريبة الأقل خطورة، لكن حتى هؤلاء يعيشون رعبا مستمرا ،بسبب اتساع رقعة الهجمات وانعدام الغذاء والماوى في منطقة صعبة التضاريس، تنتشر فيها الزواحف والحشرات الضارة.) تلك المشاهد نقلها احد السكان عبر الفضائيات ،وربما ما نقله لا يعكس مأساة (كرينك) كما هى بالضبط ،مأساة تعكس ضخامة الفاتورة التى يدفعها مواطن دارفور ،ومع ذلك لا يجد السلام ولا الامان، تلك المشاهد والصور المؤسفة فى كرنيك، كنت اظن انها ستدفع مجلس السيادة ،لالغاء كل برامجه المعلنة ،من باب المسؤولية التى تحتم على كل مواطن ان يحزن و يتألم ويتأسف على الارواح التى ازهقت، دعك من الحكام وأصحاب السيادة والفخامة والقرار . لم تحرك مأساة (كرنيك) الحكومة فى الخرطوم ،و لم يكتفى مجلس السيادة بالصمت و الانزواء ، بل اقام مائدة افطار رمضانى محضور ،فى حدائق القصر الجمهورى الغناء ،احتشد فيها أصحاب الفخامة و الزعامة والقيادة ،تمددت الولائم بما لذ وطاب من الاطعمة والمشروبات ،تحت الاضواء الزاهية ،والخضرة الممتدة ، ونوافير المياه العذبة ، حاولت ان اجمع شتات المشاهد ،هناك فى (كرينك)، مشاهد الموت والدمار و الخوف ،والمشاهد هنا فى القصر الجمهوري، مشاهد الابتسامات العريضة، وكلمات الترحيب والبروتوكولات و الحفاوة، ثم قلت فى نفسى ، يا ترى عن ماذا ولماذا صام هؤلاء ؟ وكيف تنفتح شهيتهم للطعام والشراب ،و الابتسامات و الصور التذكارية ،و مواطن عزيز فى جزء عزيز، لا يجد شق ( تمرة) يسكت بها الم الجوع ؟ انه الصيام يا سادة ،الصيام عن اداء الامانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها …