شهداء البخيت و المقل
في ذمة اللّه
همًْ فِتْيةٌ رَضِعُوا الحَلالَ من البَخِيتِ منَ المَقَلْ فُطِمُوا على الخُلُقِ القويمِ على التوادُدِ و الأدبْ
و الهمّةُ العليا و عونِ المستَغِيثْ
همْ فتْيةٌ قدْ زادهمْ ربّي هديً
خرجوا كما خرجوا كأصحاب الرقيم ْ
فُسْطاطُهُم(1) كان الرقيمَ و هَجْعَة اللّيْلِ المؤانسِ للبيوتِ الطينِ و البئرِ البعيدةِ و المزارعِ و البَحَرْ
كان الحَنَانَ لأمّه الغَضِ الصغيرْ
كان السلامَ على الأبِ السهرانِ من أجلِ الحياةِ و رفعةِ الأخوانِ و الأخواتِ و الضيفِ البعيدْ
فسطاطُهم كانَ المصاريف الحلالْ
همْ فتيةٌ عزموا و في الآفاق قد لاحت تباشيرْ الصيامْ
و الصومُ عند الأمهّات فضيلةٌ وفريضةٌ قبلَ المماتْ
سلكوا طريقَ الشوقِ للبلدِ الحبيبْ
(البوكس) يلهجُ بالغناءِ و عافي منّك و راضي عنّك
و يمّة رسلي ليْ عفوكْ ينجيني من ْ
صحراء يا صحراء يا صحراء يا صحراء أينَ شبابُنا في الفرقَديْنْ
صحراء يا صحراء هل فوقَ الدروبِ التيهِ عندكِ من شبابٍ تائهينْ
و الناس لمْ تدعِ الأسى للفقدِ يثني من ْ ثباتَ العازمينْ
لكنّها الصحراءُ و الخبر الحزينْ
لم يبقَ منهم شاهدٌ يروي التفاصيل الكبيرة َ و الصغيرةَ في صحاري الإغترابِ ْ
و كيف تقتلع الهبوبُ جُذَيْلَها و جُذَيْعَها
تتكلّس الأشجار ُ و الأحجارُ تهوِي الطيرُ من حرّ الصقيعةْ
و تزمجِرُ الريحُ التي تَتَمَوّرُ الأرض البسيطةَ و السماءْ
يدور في الفَلَكِ العُصَارْ
و البردُ في ليلِ الهلاكِ النّحْس ِ كالحُمّي السّعَرْ
إذ ترجُف الأطرافُ من بَدَنِ الجمادِ إلى البَشَرْ
وثعالب ُ الصحراء ِ، أفعاها ، عقاربُها ، دبائبُها و مفترِسُ الصقور ْ
لمْ يبقَ منهم شاهدٌ يحكي هبوبَ الرملِ تكتمُ منهمُ الأسماعَ والإبْصار َ و الأنفاسَ و الحلمَ الجميلْ
لمْ يبْقَ منهم شاهدٌ يحكي جفافَ الحلقِ من عطشٍ و من حرِّ الهجيرةِ و السرابْ
لمْ يبقْ منهم شاهدٌ يحكي عنِ الملَكِ الذي يستأذنُ الروحَ الصغارْ
عنِ الذي فعلَ الصغارْ
لكنّهم يحكون كيفَ تيمّمُوا
كتبوا وصَاياهمْ و بلّغ بعضُهم بعضا ً
حضنَ الصغيرُ كبيرَهمْ
حضنَ الكبيرُ وسيطَهمْ
و تمسّكوا و تماسكوا
و الريحُ هاجت تدفنُ الأجسادَ فوق سريرِ صحراءِ السوادْ
لكنّ ريحاً لم تجِدْ منْ هولِها أرواحَهم ْ
عرجوا بأرواحِ البراءةِ و التُّقَى و الصّبْرِ و الإيمان للربّ الرّحيمْ
عرَجوا و همْ في طمْأَنينَتهمْ رضا الأهلِينَ عفوُ الوالدِينْ
فُتِحِتْ لهمْ أبْوابُها
هي جَنّةٌ للمُتّقِينْ
طبتم بها شُهَداءَنا في الخالدينْ
عمّار سيداحمد شليعة
بورتسودان
18/05/2022