في الهواء الطلق
محيي الدين شجر
سباق الموانئ في السودان (1)
لماذا تتهافت الشركات العالمية على موانئ البحر الأحمر بمثلما نرصد هذه الأيام.
حين أبدي أنا اهتماماً بما يحدث في البحر الأحمر، فلأنّي من أبناء الشرق، وأعرف كل صغيرة وكبيرة عن كواليس السعي الحثيث للسيطرة على الموانئ السودانية، وكُنت شَاهداً في مرات كثيرة وفي سنوات مضتٍ كيف تصدت بعض نقابات الموانئ القوية لتكتيكات النظام البائد، التي كان الهدف منها بيع الموانئ لا تحديثه، لكن النقابات وقفت بقوة ضد تلك المساعي وأفشلتها.
الآن أصبح اللعب مكشوفاً والمساعي في العلن!!
إنّ مساعي شركة موانئ أبوظبي لإنشاء ميناء أبوعمامة على ساحل البحر الأحمر، هي مساعٍ في العلن، الغرض منها إنشاء مرابط سفن في منطقة دنقناب بمحلية جبيت المعادن، هو مُقترحٌ تدعمه جهاتٌ سُودانيةٌ لها مصالح في تلك المنطقة.. وتُنسِّق شركة أبوظبي مع شركات رجل الأعمال السوداني المعروف أسامة داؤود.
وبدأت الدراسات الأولية، بل وتم الحديث عن أهمية إنشاء طريق يربط ولاية نهر النيل منطقة أبوحمد بالميناء، والذي تردّد أنّه خاصٌ بتصدير المحاصيل الزراعية.
أصحاب المصلحة وهُم أهل المنطقة التي سيقوم عليها المشروع لا علم لهم به.
ولناظر البشاريين، تصريحٌ في وسائل التواصل، أشار فيه إلى استبعادهم من اللجان التي كُوِّنت.
ولا بُدّ النظر إلى تصريحه بعقلٍ مفتوحٍ، وتفادي ما سيحدث مستقبلاً.. وكان من الواجب أن يتم الدخول إلى تلك المنطقة من بوابة أهلها، قبل أن يسمعوا به مؤخراً.
ما أود أن أقوله إنّ ما يحدث في ساحلنا الحبيب يأتي ضمن سباق حرب الموانئ ما بين موانئ دبي وشركة أبوظبي، هو سِبَاقٌ يظهر بوضوح لكل صاحب بصيرةٍ وعقلٍ..
لأنّ شركة موانئ دبي كما نعرف، لها رغبةٌ أكيدةٌ للاستثمار في ميناء بورتسودان محطة الحاويات بالميناء الجنوبي تحديداً، ولها محاولتان سابقتان من قبل تمّ رفضهما من قِبل العُمّال أصحاب المصلحة!!
ولهذا لا نستغرب من الرحلات والزيارات التي تطير من إدارات أهلية وآخرين إلى دبي وإلى ميناء بربرة بالصومال التي تُديرها موانئ دبي العالمية، مَا يُؤكِّد أن الشركتين في منافسة شرسة على ساحل البحر الأحمر!!
فلماذا هذا التهافُت وهذا السعي الدؤوب بين شركة أبوظبي التي تُريد الاستحواذ على الساحل الشمالي عبر ميناء أبوعمامة وبين شركة موانئ دبي التي تُريد الميناء الجنوبي، ولمن الغَلَبَة في النهاية، وما هي المصلحة التي سيجنيها السُّودان؟!
وهل الصراع الموجود الآن هو في مصلحة إنسان الولاية، وهل الاستثمار الخارجي سيُحقِّق إضافةً للاقتصاد السوداني، وهل إنشاء ميناء أبوعمامة يتعارض مع ميناء هيدوب؟!
وللبروفيسور إبراهيم أحمد أونور رأيٌ واضحٌ في قيامه، لأنه يتعارض مع ميناء هيدوب الذي تمّ تأسيسه مع الشريك الصيني.
أما اهتمام رجل الأعمال أسامة داؤود بميناء أبوعمامة، فهو اهتمام طبيعي لأنه يملك شركات تعدين في أربع محليات مُنتجة للذهب، بخلاف مطاحن سيقا، فهل يُريد أن يُسيطر عل المنافذ الاقتصادية في البحر الأحمر؟!
لقد تبرّع الرجل بمشمّعات وإعانات للمُتضرِّرين في غرب الولاية، كما تبرّع بماكينات غسيل كُلى، ولكن كان في إمكانه أن ينشئ وحدة غسيل كاملة للمنطقة، وكان بإمكانه أن يعمل على تأهيل ميناء بورتسودان التاريخي والذي هو مطمعٌ لكل دول المحاور.
لكنه يُريد أن يُقدِّم السبت لأهل المنطقة بتبرُّعات عادية لا تتناسب مع مصالحه الضخمة بالمنطقة ولن يجد الأحد.. كما يظن!!