ثلاثية (اثنية – جهوية- مناطقية) وتشكيل الأمة
كتبه : المهندس/ هاشم طاهر العجيلي
هي ثلاثة مسميات، الأولى معروفة واسعة التداول، أصلها فى الإنجليزية مفردة ETHNIC بمعنى (سُلالي)، ولها ينسب الاسم (إثنوغرافيا ETHNOGRAPHY) أي علم وصف السلالات البشرية ٠٠عاداتها وأخلاقها ونظمها المجتمعية. أما (الجهوية) فهي مصطلح واسع الاستخدام خاصة في دول المغرب العربي، وأصلها في الفرنسية (REGIONALISME)
ويقصد بها هناك لا مركزية السلطة – سياسة واقتصاد وإدارة، ولعلنا استخدمناها من واقع حالنا المأزوم مرادفاً لاسم اَخر مستحدث هو (المناطقية)، وهذا المسمى ارتبط من أسفٍ ارتباطاً وثيقاً بالتأثيرات القبلية ٠ والقبيلة من بعد وبموجب واقعنا الذي نعيشه على علاته أمر قائم معاش لا فكاك منه رضينا أم أبينا ، والزمن كفيل بأن ينحسر مده حين تتشكل الأمة السودانية، وهذه حتمية تاريخية نرى بداياتها المبشرة بالمصاهرات واسعة النطاق بين القبائل المختلفة التى تعم اليوم سوداننا الحبيب ، أقال الله عثرته. هذا وقد أثبتت بحوث علم الانثروبولجي الحديثة أن البشر عامة يشتركون فيما يزيد عن تسعين بالمائة من خصائصهم البيولوجية، وهذا يوافق تماماً ما جاء به الإسلام، ومعلوم بالضرورة أن مفهوم القبيلة في المنهج الإسلامي جاء معضداً للأبعاد الاجتماعية والثقافية ومقللاً من شأن البعد السلالي أو العرقي، ثم نقول إن التنظيم الاجتماعى القبلي سبق قيام الدولة المدنية بقرون عديدة منذ فجر التاريخ، فقد كانت القبيلة أو الجماعة العرقية بمثابة الملاذ الاَمن الذي يحفظ التقاليد ووشائج القربى، وبالتالي كانت ضامنة للتكافل الاجتماعي والتعاضد الأسري . ثم تشكلت من بعد سلطة الدولة بمجمل ضوابطها ونظمها وقوانينها، وبرزت من ثم إفرازات المجتمع المدني بكل أشكالها وتنوع وظائفها، فتضاءلت مركزية سلطة القبيلة وانحسر مدها إلى حدٍ كبير لاسيما في المجتمعات الحضرية٠ واليوم نجد أن التحرر من أسر القبيلة تبناه العديد من المفكرين والمنشغلين بأمر الإصلاح الاجتماعي وهم يسعون جاهدين لتشكيل أمم متجانسة متصاهرة ومتعارفة في أوطانهم رغم المطبات والمزالق التي تواجه تطلعاتهم النبيلة تلك، ونجح منهم من نجح وتعثر اَخرون٠ ومن الأمثلة المعاصرة التي تعد أنموذجاً مثالياً التجربة الرواندية بكل ألقها وبهائها، ولنا أن نقرأ بين سطورها ملامح ساطعة من ملحمة تشكيل الأمة٠ وفي الختام لنقرأ من خطبة سيد ولد اَدم الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه، مما أورده بخطبة الوداع الجامعة مبيناً ما ينبغي أن يكون عليه مسار أمته : (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لاَدم واَدم من تراب، أكرمكم عند الله أتقاكم، وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوى٠٠ألا هل بلغت اللهم فأشهد)، قالوا نعم ٠٠قال (فليبلغ الشاهد الغائب).