*من اين اتي هؤلاء؟؟؟*
رحمك الله ايها الاديب الاريب الروائي الكبير الطيب صالح لقد ظل سؤالك الكبير واستفهامك المثير (من اين اتي هؤلاء؟؟؟) عالقاًً لسنوات ظللنا نكرره بغباء وبغبغاوية كسؤال لا اجابة له رغم ان الجميع يعرف الاجابة…. وان كانت صيغة الاستفهام ما هي الا استنكاراً لما تحدثت عنه الا ان السؤال ظل مستفزاً لكل الاطراف وما كتب كاتب او لعب لاعب الا وجعله جزء من محاوره و(محاوراته)
لقد كتبت مستفهماً ومستنكراً ما يحدث وشرحت واوضحت ما هي الحالات التي كان عليها اهلنا وغرضك ان ما تراه لايشبه (اهل السودان) ورحلت قبل ان نعرف من هم (اهل السودان) وظل ذلك السؤال (لبانة) يلوكها الجميع حتي من قلت عنهم من اين جاء هؤلاء؟؟
والكل يقول عن الكل من اين اتي هؤلا؟؟؟
حتي اضحي (الكل) بعيداً عن دائرة (الكل) و اصبح الكل وكأنه لا يعرف الكل..
يا تري ماذا كنت تريد يا سيدي؟؟؟
والي ماذا رميت؟؟؟ وما هو قولك فيما يحدث الان؟؟
وبما انك لن تستطيع التفاعل الان ولن تصدق ان هذا يحدث في السودان لانك بدار الفناء الذي يحدق بنا بل يحاصرنا الان رايت ان اعد مقالك واحاول التعليق بين *(سطوره)* هكذا فالي هناك :-
هل السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟ *(السماء لم تعد صافية ودخان القذائف والحرائق يغطي كل شئ.. والاكاذيب هي السائدة في كل ساحات الحرب واصبح الجميع كذوباً)*
هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين ؟ *(لا يوجد مطار خرطوم الان سيدي ربما لن تصدق ذلك)*
يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين . *(الان اضحي الهروب جماعياً وعبر كل الوسائل لقد اصبحت الخرطوم خراباً انها ثلات عقود ونصف سيدي من الاكاذيب والهمبتة*
يُعلَن عن قيام الطائرات ولا تقوم . لا أحد يكلّمهم .
لا أحد يهمّه أمرهم . *الان لا توجد طائرات سوي للقذف والقتل والدمار في قلب الخرطوم الكليمة*
هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى ؟ *(الان كل الحديث عن القتل والانتقام ولا صوت يعلو علي صوت الرصاص والقصاص)* وعن الأمن والناس في ذُعر ؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب ؟ *(كل الحديث للرصاص والقنابل وكل ما لم تتوقعه)*
الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب ، تنام منذ العاشرة ، تنام باكية في ثيابها البالية ، لا حركة
في الطرقات . لا أضواء من نوافذ البيوت . لا فرحٌ في القلوب . لا ضحك في الحناجر . لا ماء ، لا خُبز ، لاسُكّر ، لا بنزين ، لا دواء . الأمن مستتب كما يهدأ الموتى . *(الان اضحت مومس عجوز وكل الابواب مشرعة والظلام يلفها وهي عارية كما ولدتها امها… ولا شيئ سوي الموت ولا ثكلي فالموت جماعي)*
نهر النيل الصبور يسير سيره الحكيم ، ويعزف لحنه القديم ” السادة ” الجدد لايسمعون ولا يفهمون . *(السادة ياسيدي تحالفوا مع سادة ثم تخالفوا مع السادة في مجلس السيادة فخلفوا لشعبنا الموت و الدمار )*
يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل . يعرفون الحلول . موقنون من كل شيئ . *(اطمئنك سيدي انها مفاتيح جهنم فتحت ابوابها علينا)*
يزحمون شاشات التلفزيون ومكرفونات الإذاعة . *(لن تصدق رحمك الله انه لا نوجد الان اذاعة او مكرفون ولاشاشة او تلفزيون حتي الFM كضم والحصاد السجم والرماد)*
يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته ولكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأمن *( لقد مات الان ولا امن يرجي ولا امان في السودان والجوع الكافر ينهش اعماق الانسان وما ارخصنا في هذا الزمان)*
مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟
أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟
أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟ *(الاصغاء الان للدانات… والطائرات تجوب سماء الخرطوم ولا تقتل حمار كلتوم)*
أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟ *(لقد اضحت الان تمطر حصواً بدون براق)*
أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟ *(اليوم لا جميل ولا نخيل لا وجه حسن ولاحتي صحن تركين )*
أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي و المصطفى ؟ *(حاج الماحي وود سعد لم يعد لهما وجود بعد ان تحول المديح لغناء وموسيقي والفن الجميل وكل ومن ذكرت حل مكانهم (القونات) ويللا نغني)*
أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟ *(لم يفعلوا)*
أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟ *(رحلت الاشواق القديمة وحرقت كل الاسواق القديمة ولا نسمع سوي الاصوات الاليمة)*
إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه؟ *(الكل يحب نفسه انها بلد الانانية)*
أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق . *(هذا المقال سيدي جعلهم يكرمونك كذباً… واصبحت دول البرودة والجليد حلم الكل واولهم من يقولون عنها بلاد الكفر)*
من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات ؟ *(اضحي الهم والاهم من الذي يحكم؟؟ وليذهب الي الجحيم من يريد البناء )*
هل حرائر النساء من ” سودري ” و ” حمرة الوز ” و ” حمرة الشيخ ” ما زلن يتسولنّ في شوارع الخرطوم ؟ *(تم ضم حرائر الطائف والمعمورة والرياض والعمارات وحي المطار وباقي الخرطوم الي النازحين واستباحوا المساكن و العروض ونهبوا ما نهبوا ولم يتبقي شيئ )*
هل ما زال أهل الجنوب العربي ينزحون الى الشمال وأهل الشمال يهربون الى أي بلد يقبلهم ؟ *(لقد انفصل الجنوب سيدي واضحي دولة تستقبلنا كلاجئين والكل يتجه في كل الاتجاهات زحفاً براً وبحراً وجواً )*
هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ *(الان لا حوجة للدولار ولا يوجد طلب عليه في ظل الحرب وكذا اقدارنا )* أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام والمغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب ؟ *(اصبحت تلك البلاد ملاجئ لاهل السودان وعادت صراعات الخلافة القديمة لتهلكنا)*
من أين جاء هؤلاء الناس ؟ بل – مَن هؤلاء الناس؟
*(للاسف رحمك الله انهم اهلك واهلنا اهل السودان )*
سلااااام
محمد طلب